قصة سوزوكي

كان سوزوكي معلماً يابانياً وموسيقاراً وصانعاً للآلات الموسيقية، والاكتشاف الذي توصل إليه سوزوكي كان سبباً في تغيير الطريقة التي ينظر بها العالم بأسره إلى كل الأطفال و ذكائهم اللفظي والإبداعي، و قد جاء الإلهام الأول لسوزوكي عندما كان يقوم بزيارة لإحدى الحاضنات العملاقة لطائر القبرة.
يقوم مربو هذه الطيور من اليابانيين بأخذ الآلاف من البيضات وتحضينها داخل قاعات عملاقة ودافئة وتبدو وكأنها عش عملاق, وكان لا يتردد في هذه القاعات سوى صوت واحد لأحد القنابر البارعة في الغناء، وكان غناء الطائر الفريد يشبه إلى حد كبير موسيقى بيتهوفن.
لاحظ سوزوكي أثناء مراقبته لهذه الحاضنات أمراً نادراً أثار استغرابه وإعجابه في نفس الوقت. كان فرخ صغير قد فقس لتوه من البيضة وراح يقلد صوت تلك القبرة البارعة. بعد عدة أيام اتسعت الجوقة، لاحظ سوزوكي أن جميع الأفراخ راحت تردد صدى تلك القبرة الفريدة بدقة متناهية، كان مربوا هذه الطيور ينتظرون أن تصل أفراخهم إلى مرحلة يصبح لديها أسلوبها الخاص في الغناء...فينتقون أفضلها وأعذبها ليتعلم منه فراخ آخرون و هكذا تتكرر العملية.
فكر سوزوكي بما رآه - إذا كان هذا الطائر بعقله و حجمه الصغيران قادر على التعلم بهذه الدقة و الإتقان - فكيف بالعقل البشري؟
كان الاستنتاج الذي توصل إليه سوزوكي استنتاجاً ساذجاً بالنسبة لأصدقائه، وقد يبدو ذلك لك أيضاً للوهلة الأولى. كانت الحقيقة التي أثارته: هي أن كل طفل ياباني يمكنه التحدث باللغة اليابانية!.
شعر أصدقاؤه بالتململ إزاء ذلك الاكتشاف العظيم و قالوا له أنهم لا شك يدركون هذه الحقيقة, إلا أن سوزوكي أصر على أنه اكتشاف يستحق التأمل و أخذ يكرر :لا، لا، إن الأطفال يستطيعون ذلك فعلاً ، إنه أمر مدهش!.
في الحقيقة كان شأن سوزوكي في اكتشافه هذا شأن نيوتن, عندما اكتشف أمراً واضحاً و لكن أحداً لم يستطع تفسيره أو إدراكه وهو أن الطفل الصغير عندما يولد في بلد ما يكون قادراً على تعلم لغة هذا البلد و بصورة تلقائية خلال عامين. مما يعني أن الطفل الطبيعي قادر على تعلم عدد لا يستهان به من اللغات من خلال ذكائه وقدراته الكامنة!.